العولمة الإعلامية
تتمة لما سبق من وسائل العولمة الإعلامية، كذلك بل من أهم وسائلها ما يلي:
4- الإنترنت: " أعلنت وزارة الاتصالات اليابانية أن نسبة انتشار الإنترنت في أوساط الأسر اليابانية لم تكن تتعدى 6% قبل ثلاث سنوات.
وأضافت أن عدد اليابانيين المتصلين بالإنترنت عبر الخطوط الثابتة والهواتف المحمولة ارتفع في ديسمبر الماضي إلى 43 مليون شخص مقارنة بـ 26.3 مليون قبل ستة أشهر"(1) ، وهذا مؤشر يبين مدى سرعة تزايد الإقبال على الإنترنت في العالم، وفي عالمنا العربي نجد أنه على الرغم من تأخر دخول الإنترنت، فإن نسبة مستخدميها في دولة الإمارات العربية بلغت 28%، وقد أصبحت بعض الدول العربية تقدم خدمة الإنترنت مجاناً، وكل هذه مؤشرات تدل على أن الإنترنت في السنوات القليلة المقبلة، قد تشهد انتشاراً واسعاً في عالمنا العربي، ربما زاحم التلفاز التقليدي ، وذلك لعدة أسباب:
(أ) لم تعد الإنترنت تعتمد على جهاز حاسب، أو جهاز واحد، بل طرق الوصول إليها متعددة، فقد أصبح من الممكن الوصول إليها عبر الهاتف النقال، والكابل مودم الذي يرتبط مع تلفزيون الإنترنت، بالإضافة لما يسمى بتلفاز الوب، كما أن هناك أجهزة أخرى يستفيد المستخدم منها عبر الإنترنت، ومنها: الهواتف التي تتصل بالإنترنت.
(ب) وكما أن طرق الوصول إليها متعددة، فإن ما توصله أو تقدمه متعدد، يشمل ما يقدمه التلفاز، والإذاعة، والصحافة، وسائر الوسائل الإعلامية الأخرى، وإذا كانت بعض الأطباق الفضائية تقدم مئات القنوات، فإن أعداد القنوات والإذاعات والصحف والمجلات والوكالات وغيرها التي تنشر موادها عبر الإنترنت وتقدم بثاً مباشراً عبر صفحاتها يفوق الحصر، كما أنها تقدم من الخدمات ما لا تقدمه أجهزة الإعلام التقليدية، كالبريد الإلكتروني، والقوائم البريدية، ومجموعات الأخبار، وغيرها.
(ت) تمتلك الإنترنت مزية لا تملكها وسائل الإعلام التقليدية، وهي التفاعل مع المستخدم، فكما أنك تتلقى، فبإمكانك أن تعطي، فالإعلان التقليدي في الصحف مثلاً قد يعرض منتجاً ثم تنتهي مهمته في إطار محاولة إقناع القارئ بأهمية اقتنائه، ولكن الإنترنت لا تكتفي بذلك، بل تقدم للمستخدم نموذج الشراء، وما عليه إلاّ أن يدخل المعلومات ثم بضغط زر يأته المنتج على رجليه! وقد استفاد الغرب وبعض الدول العربية من إمكانية التفاعل هذه، فجعلت الخدمات الحكومية يتم التعامل معها عن طريق الإنترنت، وقد وعدت حكومة الإمارات العربية بتوفير معظم الخدمات الحكومية على الإنترنت بحلول العام 2005م(2) .
(ث) تمثل الإنترنت وسيلة حرة بغير ضابط، فمهما وجدت قناة أو إذاعة، فإنها تخضع لقوانين الدولة التي توجد بها، ومسؤولوها عرضة للمساءلة عند تجاوز الخطوط الحمراء، التي تخطها مصالح الدول أو أهواؤها! أما الإنترنت، فبوسع كل شخص أن يعرض ما أراد، وإذا كان أحدهم في (الهايدبارك) بوسعه أن يقول ما يشاء، ولكن ليس له أن يبيع مخدرات أو يعرض أسلحة، فإن الإنترنت توفر لكل أحد أن يقول ما أراد ويروج أو يبيع ما يشاء!
وللإنترنت مزايا أخرى، تنبئ عن توسع انتشارها في المستقبل.
5- وهناك وسائل إعلامية كثيرة كوكالات الأنباء،والأشرطة السمعية، وما أتاحته وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف، والفاكس، والبريد الإلكتروني، وغيرها مما يساعد على تبادل المعلومات بسرعة فائقة، حيث أصبح العالم الرحب كقرية صغيرة، من حيث انتشار الأخبار، وسرعة وصول المعلومات، وتأثير الأحداث، والتدخل في شؤون الآخرين بسرعة مذهلة، فانقلاب في روسيا في الشرق تساهم أوربا وأمريكا في إسقاطه خلال يومين، وإشاعة حول بنك من البنوك في الغرب تقضي على بنك آخر في الشرق.
وقيام انقلاب في الشرق يؤدي إلى انهيار سوق الأسهم في الغرب خلال ساعات معدودة، وفشل الانقلاب يعيد الأمور إلى نصابها.
ولهذا الانتشار الواسع للوسائل الإعلامية المختلفة، ولتأثيرها في القطاع الواسع الذي تغطيه نستطيع أن نقول: إن الإعلام اليوم هو الذي يتولى مقاليد الأمور في العالم، والذي يستطيع أن يسيطر على وسيلة من وسائل الإعلام المؤثرة يكون قد شارك في الحكم عالمياً، ومحلياً حسب تأثير وسيلته، وقوة نفوذها، وعندما أدركت بعض الأقليات هذه الحقيقة سعت لامتلاك الإعلام في بعض الدول الكبرى، فكان لها أبرز الأثر في تكوين آراء المجتمع، وصنع قرارات الدولة.
وإذا تساءلت عن أشكال وأنماط من العولمة الاجتماعية في المجتمعات العربية وعن سر وجودها، وجدت أن سببها عولمة الإعلام، فالموسيقى الأمريكية التي انتشرت في ربوع عالمنا العربي، والنمط الأمريكي الصرف في اللباس، أو نصف الأمريكي (ثوب وقبعة)، والأطعمة السريعة وغيرها من السلع الاستهلاكية، واللغة الإنجليزية ذات اللكنة الأمريكية، والطفل الكرتوني (كالطفل السوبرماني أو الطفل العنكبوتي أوالوطواطي إلى غيرها من الحشرات والحيوانات...)، كل هذه مع كثير من العادات الدخيلة، دخلت المجتمعات العربية من خلال الوسائل الإعلامية، التي باتت تمثل ما يمكن أن نسميه بـ (ثالوث الأبوة) الأب، الأم، الإعلام، فقد غدا الأخير العنصر الثالث مع الأبوين في التربية والتوجيه أو ضدهما!
إن هيمنة الإعلام الغربي على العالم أمر لا يجادل فيه من له سمع أو نظر، أما مظاهر هيمنة الإعلام الغربي داخل وطننا العربي فكثيرة جداً، منها: الصحف والمجلات الغربية المتداولة في الأوساط العربية، وبالأخص تلك المعربة الموجهة لقراء الشرق الأوسط، ومنها: الإذاعات المختلفة متعددة اللغات، ومنها: شبكة الإنترنت العالمية، وإذا تأملنا قطاع التلفاز مثلاً بحكمه الأوسع انتشاراً وجدنا أثر الإعلام الغربي وطغيانه بيناً، ففي إحصاءات منظمة اليونيسكو عن الوطن العربي نجد أن شبكات التليفزيون العربية تستورد ما بين ثلث إجمالي البث كما في سوريا ونصف هذا الإجمالي كما في تونس والجزائر، أما في لبنان فإن البرامج الأجنبية تزيد على نصف إجمالي المواد المبثوثة، إذ تبلغ58,5%، وتبلغ البرامج الأجنبية في لبنان69% من مجموع البرامج الثقافية، ولا تكتفي بذلك بل وغالب هذه البرامج يبث من غير ترجمة، وثلثا برامج الأطفال تبث بلغة أجنبية من غير ترجمة في معظمها، ولعل القارئ الكريم يدرك بأنه لا مزية للبرامج الناطقة بالعربية على الناطقة بلغات أجنبية أخرى، فلا فرق بين (ميكي) ذي اللسان العربي الفصيح، وأصله الأمريكي، بل قد يكون المستنسخ المعرب أكثر قدرة على تصدير العولمة الأمريكية من أصله.
وإذا كانت الإحصاءات السابقة تمثل نسبة الغزو الغربي للإعلام الرسمي، فلك أن تتصور نسبة هذا الغزو وأثره، على البيت الذي ملئ بالأطباق، وفي العائلة التي أدمنت البث المباشر.
ويذكر الدكتور محمد عبده يماني(3) أن منظمة اليونسكو أجرت دراسة اتضح من خلالها أن 90% من الأخبار التي يتناقلها العالم من إنتاج خمس وكالات عالمية فقط، وهي:
(أسوشيتدبرس)، و(يونايتدبرس)، و(وكالة الصحافة الفرنسية)، و(رويتر)، و(تاس السوفيتية)، والأوليان أمريكيتان، والثالثة فرنسية، والرابعة بريطانية، والخامسة سوفيتية.
ولذلك يقول الدكتور علي النجعي(4)، وهو يعدد مخاطر البث المباشر:
ومن وجهة نظري فإن تأثير البث المباشر لا يتوقف على إدخال عادات قبيحة على المجتمعات النامية، بل إن من أخطر ما يحمله هذا التوجه العالمي، هو تفتيت المجتمعات، والتقليل من أهمية ودور وسائل الإعلام المحلية، التي تسير في ضوء أطر محددة وسياسات مرسومة، حيث يصبح بإمكان كل مواطن أن يختار الوسيلة التي يرغب في مشاهدتها والبرنامج الذي يختاره(5) .
وبطبيعة الحال هذه القدرة على الاختيار تكون عند ساكن العالم الثالث، أما القدرة على العرض فعند الغربيين، وهذا هو الواقع الذي لم يعد سراً، ومما يؤكد هذه الحقيقة ما ذكره تقرير لليونسكو، حيث جاء فيه: "إننا نعتقد أن ما يعرف باسم التدفق الحر للإعلام، هو في حقيقة الأمر تدفق باتجاه واحد، وليس تبادلاً حقيقياًً للمعلومات"(6) .
وأوضحت دراسة مشتركة بين ندوة تامبير واليونسكو، أن هناك اتجاهين لا جدال حولهما في مجال تدفق المعلومات:
ا- أنه تدفق في اتجاه واحد من الدول الكبرى المصدرة إلى باقي دول العالم.
2- أن المادة الترفيهية هي السائدة في هذا التدفق(7) .
ومن أجل توضيح المراد ببرامج التسلية والترفيه الواردة في هاتين الدراستين لنقرأ ما قاله الأستاذ عبد الرحمن العبدان( : "برامج الترفيه والتسلية ومعظمها -إن لم يكن جميعها- لن تكون ملتزمة، وهذه سوف تنقل للشعوب المشاهدة كثيراً من العادات غير الحسنة التي تتنافى مع القيم الإسلامية، خاصة وأن هذه البرامج قد تشد الشباب والشابات بحيويتها وعصرية إعدادها وجودة عرضها، وتدفعهم للإعجاب بها دون إدراك لخطورتها، وبالتالي التأثر بها، وهذا مكمن الخطورة".
ويواصل قائلاً: "ولست بحاجة لشرح الآثار السلبية المترتبة على ذلك، وما فيها من الهدم وتدمير السلوك"(9) .
________________
(1) عن موقع أخبار أوس: http://news.awse.com/09-Feb-2003/Technology/31176_ar.htm.9/فبراير/2003م.
(2) جاء هذا على لسان سالم الشاعر (مدير الخدمات الإلكترونية في حكومة دبي)، انظر الموسوعة العربية للكمبيوتر والإنترنت بتاريخ 5/يونيو/2003م، وقد نشر الخبر في الموقع: http://www.c4arab.com/showanews.php?nid=416، وغيره.
(3) وزير الإعلام السعودي السابق.
(4) وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون التلفزيون.
(5) انظر جريدة الرياض (8450).
(6) أصوات متعددة ص 303.
(7) انظر كتاب (تدفق المعلومات ص 75- 76).
( وبخاصة أن الأستاذ - عبد الرحمن أمين عام المجلس الأعلى للإعلام في المملكة.
(9) جريدة الرياض العدد (8450).
تتمة لما سبق من وسائل العولمة الإعلامية، كذلك بل من أهم وسائلها ما يلي:
4- الإنترنت: " أعلنت وزارة الاتصالات اليابانية أن نسبة انتشار الإنترنت في أوساط الأسر اليابانية لم تكن تتعدى 6% قبل ثلاث سنوات.
وأضافت أن عدد اليابانيين المتصلين بالإنترنت عبر الخطوط الثابتة والهواتف المحمولة ارتفع في ديسمبر الماضي إلى 43 مليون شخص مقارنة بـ 26.3 مليون قبل ستة أشهر"(1) ، وهذا مؤشر يبين مدى سرعة تزايد الإقبال على الإنترنت في العالم، وفي عالمنا العربي نجد أنه على الرغم من تأخر دخول الإنترنت، فإن نسبة مستخدميها في دولة الإمارات العربية بلغت 28%، وقد أصبحت بعض الدول العربية تقدم خدمة الإنترنت مجاناً، وكل هذه مؤشرات تدل على أن الإنترنت في السنوات القليلة المقبلة، قد تشهد انتشاراً واسعاً في عالمنا العربي، ربما زاحم التلفاز التقليدي ، وذلك لعدة أسباب:
(أ) لم تعد الإنترنت تعتمد على جهاز حاسب، أو جهاز واحد، بل طرق الوصول إليها متعددة، فقد أصبح من الممكن الوصول إليها عبر الهاتف النقال، والكابل مودم الذي يرتبط مع تلفزيون الإنترنت، بالإضافة لما يسمى بتلفاز الوب، كما أن هناك أجهزة أخرى يستفيد المستخدم منها عبر الإنترنت، ومنها: الهواتف التي تتصل بالإنترنت.
(ب) وكما أن طرق الوصول إليها متعددة، فإن ما توصله أو تقدمه متعدد، يشمل ما يقدمه التلفاز، والإذاعة، والصحافة، وسائر الوسائل الإعلامية الأخرى، وإذا كانت بعض الأطباق الفضائية تقدم مئات القنوات، فإن أعداد القنوات والإذاعات والصحف والمجلات والوكالات وغيرها التي تنشر موادها عبر الإنترنت وتقدم بثاً مباشراً عبر صفحاتها يفوق الحصر، كما أنها تقدم من الخدمات ما لا تقدمه أجهزة الإعلام التقليدية، كالبريد الإلكتروني، والقوائم البريدية، ومجموعات الأخبار، وغيرها.
(ت) تمتلك الإنترنت مزية لا تملكها وسائل الإعلام التقليدية، وهي التفاعل مع المستخدم، فكما أنك تتلقى، فبإمكانك أن تعطي، فالإعلان التقليدي في الصحف مثلاً قد يعرض منتجاً ثم تنتهي مهمته في إطار محاولة إقناع القارئ بأهمية اقتنائه، ولكن الإنترنت لا تكتفي بذلك، بل تقدم للمستخدم نموذج الشراء، وما عليه إلاّ أن يدخل المعلومات ثم بضغط زر يأته المنتج على رجليه! وقد استفاد الغرب وبعض الدول العربية من إمكانية التفاعل هذه، فجعلت الخدمات الحكومية يتم التعامل معها عن طريق الإنترنت، وقد وعدت حكومة الإمارات العربية بتوفير معظم الخدمات الحكومية على الإنترنت بحلول العام 2005م(2) .
(ث) تمثل الإنترنت وسيلة حرة بغير ضابط، فمهما وجدت قناة أو إذاعة، فإنها تخضع لقوانين الدولة التي توجد بها، ومسؤولوها عرضة للمساءلة عند تجاوز الخطوط الحمراء، التي تخطها مصالح الدول أو أهواؤها! أما الإنترنت، فبوسع كل شخص أن يعرض ما أراد، وإذا كان أحدهم في (الهايدبارك) بوسعه أن يقول ما يشاء، ولكن ليس له أن يبيع مخدرات أو يعرض أسلحة، فإن الإنترنت توفر لكل أحد أن يقول ما أراد ويروج أو يبيع ما يشاء!
وللإنترنت مزايا أخرى، تنبئ عن توسع انتشارها في المستقبل.
5- وهناك وسائل إعلامية كثيرة كوكالات الأنباء،والأشرطة السمعية، وما أتاحته وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف، والفاكس، والبريد الإلكتروني، وغيرها مما يساعد على تبادل المعلومات بسرعة فائقة، حيث أصبح العالم الرحب كقرية صغيرة، من حيث انتشار الأخبار، وسرعة وصول المعلومات، وتأثير الأحداث، والتدخل في شؤون الآخرين بسرعة مذهلة، فانقلاب في روسيا في الشرق تساهم أوربا وأمريكا في إسقاطه خلال يومين، وإشاعة حول بنك من البنوك في الغرب تقضي على بنك آخر في الشرق.
وقيام انقلاب في الشرق يؤدي إلى انهيار سوق الأسهم في الغرب خلال ساعات معدودة، وفشل الانقلاب يعيد الأمور إلى نصابها.
ولهذا الانتشار الواسع للوسائل الإعلامية المختلفة، ولتأثيرها في القطاع الواسع الذي تغطيه نستطيع أن نقول: إن الإعلام اليوم هو الذي يتولى مقاليد الأمور في العالم، والذي يستطيع أن يسيطر على وسيلة من وسائل الإعلام المؤثرة يكون قد شارك في الحكم عالمياً، ومحلياً حسب تأثير وسيلته، وقوة نفوذها، وعندما أدركت بعض الأقليات هذه الحقيقة سعت لامتلاك الإعلام في بعض الدول الكبرى، فكان لها أبرز الأثر في تكوين آراء المجتمع، وصنع قرارات الدولة.
وإذا تساءلت عن أشكال وأنماط من العولمة الاجتماعية في المجتمعات العربية وعن سر وجودها، وجدت أن سببها عولمة الإعلام، فالموسيقى الأمريكية التي انتشرت في ربوع عالمنا العربي، والنمط الأمريكي الصرف في اللباس، أو نصف الأمريكي (ثوب وقبعة)، والأطعمة السريعة وغيرها من السلع الاستهلاكية، واللغة الإنجليزية ذات اللكنة الأمريكية، والطفل الكرتوني (كالطفل السوبرماني أو الطفل العنكبوتي أوالوطواطي إلى غيرها من الحشرات والحيوانات...)، كل هذه مع كثير من العادات الدخيلة، دخلت المجتمعات العربية من خلال الوسائل الإعلامية، التي باتت تمثل ما يمكن أن نسميه بـ (ثالوث الأبوة) الأب، الأم، الإعلام، فقد غدا الأخير العنصر الثالث مع الأبوين في التربية والتوجيه أو ضدهما!
إن هيمنة الإعلام الغربي على العالم أمر لا يجادل فيه من له سمع أو نظر، أما مظاهر هيمنة الإعلام الغربي داخل وطننا العربي فكثيرة جداً، منها: الصحف والمجلات الغربية المتداولة في الأوساط العربية، وبالأخص تلك المعربة الموجهة لقراء الشرق الأوسط، ومنها: الإذاعات المختلفة متعددة اللغات، ومنها: شبكة الإنترنت العالمية، وإذا تأملنا قطاع التلفاز مثلاً بحكمه الأوسع انتشاراً وجدنا أثر الإعلام الغربي وطغيانه بيناً، ففي إحصاءات منظمة اليونيسكو عن الوطن العربي نجد أن شبكات التليفزيون العربية تستورد ما بين ثلث إجمالي البث كما في سوريا ونصف هذا الإجمالي كما في تونس والجزائر، أما في لبنان فإن البرامج الأجنبية تزيد على نصف إجمالي المواد المبثوثة، إذ تبلغ58,5%، وتبلغ البرامج الأجنبية في لبنان69% من مجموع البرامج الثقافية، ولا تكتفي بذلك بل وغالب هذه البرامج يبث من غير ترجمة، وثلثا برامج الأطفال تبث بلغة أجنبية من غير ترجمة في معظمها، ولعل القارئ الكريم يدرك بأنه لا مزية للبرامج الناطقة بالعربية على الناطقة بلغات أجنبية أخرى، فلا فرق بين (ميكي) ذي اللسان العربي الفصيح، وأصله الأمريكي، بل قد يكون المستنسخ المعرب أكثر قدرة على تصدير العولمة الأمريكية من أصله.
وإذا كانت الإحصاءات السابقة تمثل نسبة الغزو الغربي للإعلام الرسمي، فلك أن تتصور نسبة هذا الغزو وأثره، على البيت الذي ملئ بالأطباق، وفي العائلة التي أدمنت البث المباشر.
ويذكر الدكتور محمد عبده يماني(3) أن منظمة اليونسكو أجرت دراسة اتضح من خلالها أن 90% من الأخبار التي يتناقلها العالم من إنتاج خمس وكالات عالمية فقط، وهي:
(أسوشيتدبرس)، و(يونايتدبرس)، و(وكالة الصحافة الفرنسية)، و(رويتر)، و(تاس السوفيتية)، والأوليان أمريكيتان، والثالثة فرنسية، والرابعة بريطانية، والخامسة سوفيتية.
ولذلك يقول الدكتور علي النجعي(4)، وهو يعدد مخاطر البث المباشر:
ومن وجهة نظري فإن تأثير البث المباشر لا يتوقف على إدخال عادات قبيحة على المجتمعات النامية، بل إن من أخطر ما يحمله هذا التوجه العالمي، هو تفتيت المجتمعات، والتقليل من أهمية ودور وسائل الإعلام المحلية، التي تسير في ضوء أطر محددة وسياسات مرسومة، حيث يصبح بإمكان كل مواطن أن يختار الوسيلة التي يرغب في مشاهدتها والبرنامج الذي يختاره(5) .
وبطبيعة الحال هذه القدرة على الاختيار تكون عند ساكن العالم الثالث، أما القدرة على العرض فعند الغربيين، وهذا هو الواقع الذي لم يعد سراً، ومما يؤكد هذه الحقيقة ما ذكره تقرير لليونسكو، حيث جاء فيه: "إننا نعتقد أن ما يعرف باسم التدفق الحر للإعلام، هو في حقيقة الأمر تدفق باتجاه واحد، وليس تبادلاً حقيقياًً للمعلومات"(6) .
وأوضحت دراسة مشتركة بين ندوة تامبير واليونسكو، أن هناك اتجاهين لا جدال حولهما في مجال تدفق المعلومات:
ا- أنه تدفق في اتجاه واحد من الدول الكبرى المصدرة إلى باقي دول العالم.
2- أن المادة الترفيهية هي السائدة في هذا التدفق(7) .
ومن أجل توضيح المراد ببرامج التسلية والترفيه الواردة في هاتين الدراستين لنقرأ ما قاله الأستاذ عبد الرحمن العبدان( : "برامج الترفيه والتسلية ومعظمها -إن لم يكن جميعها- لن تكون ملتزمة، وهذه سوف تنقل للشعوب المشاهدة كثيراً من العادات غير الحسنة التي تتنافى مع القيم الإسلامية، خاصة وأن هذه البرامج قد تشد الشباب والشابات بحيويتها وعصرية إعدادها وجودة عرضها، وتدفعهم للإعجاب بها دون إدراك لخطورتها، وبالتالي التأثر بها، وهذا مكمن الخطورة".
ويواصل قائلاً: "ولست بحاجة لشرح الآثار السلبية المترتبة على ذلك، وما فيها من الهدم وتدمير السلوك"(9) .
________________
(1) عن موقع أخبار أوس: http://news.awse.com/09-Feb-2003/Technology/31176_ar.htm.9/فبراير/2003م.
(2) جاء هذا على لسان سالم الشاعر (مدير الخدمات الإلكترونية في حكومة دبي)، انظر الموسوعة العربية للكمبيوتر والإنترنت بتاريخ 5/يونيو/2003م، وقد نشر الخبر في الموقع: http://www.c4arab.com/showanews.php?nid=416، وغيره.
(3) وزير الإعلام السعودي السابق.
(4) وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون التلفزيون.
(5) انظر جريدة الرياض (8450).
(6) أصوات متعددة ص 303.
(7) انظر كتاب (تدفق المعلومات ص 75- 76).
( وبخاصة أن الأستاذ - عبد الرحمن أمين عام المجلس الأعلى للإعلام في المملكة.
(9) جريدة الرياض العدد (8450).
الأربعاء 31 ديسمبر 2014, 22:28 من طرف A-mina
» حصــــــــــــــــــــ،،، شرح ولا اروع كيفيّة إنشاء سيرفر Abox+MdBox ،،رــــــيا
الثلاثاء 13 نوفمبر 2012, 19:10 من طرف RAHIMOU
» سيرفرmdbox ناااااااااار 100%100 ( يعمل الآن )
الجمعة 27 أبريل 2012, 00:08 من طرف توفيق الجزائر
» تم بحمد الله عودة السرفر الى العمل من جديد الان
الثلاثاء 24 أبريل 2012, 21:11 من طرف RAHIMOU
» سيرفر سيسيكام مرفوع على VPS ب 150 يوزر (للجـــــميع)(تغيير 16/04/2012)
الإثنين 16 أبريل 2012, 18:48 من طرف RAHIMOU
» أكثر من 100 مصدر ومرجع عن تاريخ الجزائر
الأحد 25 مارس 2012, 21:09 من طرف انس الحديثي
» سيرفر الخفاش للاخ نعمان
الأحد 05 فبراير 2012, 18:03 من طرف bawchat
» ||: قسم بيانات ABOX و MDbOX و WDS و Mini Box
الأحد 05 فبراير 2012, 18:00 من طرف bawchat
» دور الاتصال في المؤسسات
الجمعة 23 ديسمبر 2011, 19:34 من طرف ke6cis