تبرز أهمية الصحافة في تلك الرسالة التنويرية و التثقيفية التي تنمي وعي الإنسان بمجريات الأمور في عصره وتحافظ على فكره من التشتت والضياع والتحجر، ورسالة رفيعة من هذا الطراز لابد أن تكون لها من المواصفات و الخصائص ما يجعلها تحافظ على هذه الرفعة.
من خلال هذا التمهيد البسيط حول ماهية الصحافة والعمل الصحفي ، كان سبب اختيارنا لهذا الموضوع لما له أهمية بالغة من جهة الصحافي بصورة خاصة ومستهلك المادة الإعلامية بصفة عامة ، فالصحافي يعمل على تثقيف الجمهور، وهذا حسب رغبته واحتياجاته ،ولكي تكون هذه المهنة تتميز بالثقافية وضعت ثوابت تتعلق بالمبادئ الأخلاقية لممارسة المهنة الصحفية .
ولكن خلال إنجازنا لهذا البحث صدفتا عدة مشاكل من بينها قلة المصادر والمراجع خاصة في حقل الإعلام والاتصال أما الدراسات التي سبقت وأن تعرضت إلى هذا الموضوع كانت من خلال بعض الإعلاميين و رسائل الماجستير.
الأفاق الفرضيات التي يبرزها هذا البحث وهذا من خلال بعض التساؤلات منها :
ما مفهوم العام لأخلاقيات المهنة الصحفية ؟
ما موقف قانون الإعلام (1982 -1990) من خلال مواده لهذا الموضوع ؟
ما مدى اهتمام التنظيمات النقابية الصحفية الجزائرية بتوجيه العمل الصحفي ؟
المبحث الأول : أخلاقيات المهنة الإعلامية
المطلب الأول : نشأة أخلاقيات المهنة الإعلامية ومفهومها:
«لقد اتجه الصحافيون إلى إقامة أساليب ذات طابع أخلاقي، كحق الإمضاء، حق التعويض للحفاظ على حريته ومن هنا أتت فكرة قانونle code déontologique الذي يميز الصحافة عن غيرها من المهن وكانت أول محاولة فرنسية سنة1918 حيث عملت فرنسا على وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة الصحفية بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة ، نظرا للدور الفعال الذي لعبته وسائل الإعلام في تلك الفترة ، كما كانت هناك محاولات أخرى في مختلف أنحاء العالم ، حيث في 1926 وضع " قانون الآداب " الذي عرف تعديلات عديدة نسبة إلى النقابة أكثر تمثيلا للصحفيين في الولايات المتحدة الأمريكية ، وعرف الأخير التفافا واسعا للصحفيين حوله ، ويتضمن هذا الأخير ثلاث فصول هي : الآداب ،الدقة الموضوعية ، وقواعد التسيير ، أيضا " في سنة 1936 كانت محاولة ثالثة في المؤتمر العالمي لإتحاد الصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية حيث تم التطرق إلى ما يجب على الصحافة فعله ، كما انصب الاهتمام على تحقيق السلم والأمن العالميين وهذا راجع إلى أنها جاءت في فترة ما بين الحربين ، التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية بحيث يمكننا القول بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية تعكس الظروف التاريخية التي تظهر فيها لتدعم هذه الأخيرة بوضع قانون من طرف النقابة الوطنية للصحافيين عام 1938 ببريطانيا وقد تضمنت القواعد المهنية التي يجب على الصحف تبنيها هذا إلى جانب محاولات أخرى كانت لها أهمية في تاريخ المهنة الإعلامية " في سنة 1939 ببوردو ي المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين انبثق ما يسمى ب " عهد شرف الصحفي " الذي ركز على ضرورة تحلى الصحفيين بالموضوعية كما حدد مسؤولياته إزاء المجتمع المتمثل في القراء واتجاه الحكومة وأيضا اتجاه زملاءه في المهنة وعلى غراره في سنة 1942 بمدينة المكسيك ، المؤتمر الأول للصحافة القومية للأمريكيين انتهى إلى أن الصحافة الكفاءة الأمنية تتطلب الموضوعية والصدق واحترام السرية المهنية ، كما تطرق إلى العقاب والمسؤولية التي تلقى على الصحيفة وكذا مسؤولية اتحاد الصحفيين وعلى الصحفية أن تعتذر للأشخاص الذين أساءت إليهم في القذف والسب وأن تبتعد عن نشر الانحرافات والعنف وتحمي الحياة الخاصة للأشخاص ".
ولقد أعقب هذه المحاولات الفعالة التي أحدثت تغييرا في ميدان الممارسة الإعلامية وتثير بالغ الأهمية في موضوع الرسالة الإعلامية " «محاولات أخرى في دول العالم الغربية منها والنامية فرضتها التغيرات الحاصلة عبر الزمن، في الهند مثلا سنة 1958 ،مصر1958-1960 ، دستور الاتحاد العام للصحفيين العرب إزاء المجتمع العربي 1964 ، وأيضا أستراليا ، انجلترا ، الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1975
تعريف أخلاقيات المهنة :
"تهتم أخلاقيات المهنة كعلم للواجبات المعنوية الخاصة بمهنة محدودة وجزاءاتها التأديبية بتبيان القواعد السلوكية و الأخلاقية لأعضاء مهنة ما سواء فيما بين الممارسين أنفسهم أو اتجاه الغير ." حيث جاء تعريفها في قاموس الصحافة والإعلام على أن " أخلاقيات المهنة هي مجموعة القواعد المتعلقة بالسلوك المهني والتي وضعتها مهنة منظمة لكافة أعضائها ، حيث تحدد هذه القواعد وتراقب تطبيقها وتسهر على احترامها ،وهي أخلاق وآداب جماعية وواجبات مكملة أو معوضة للتشريع وتطبيقاته من قبل القضاة "
فالأخلاق المهنية ليست مرتبطة ببساطة بممارسة السليمة للمهنة فحسب بل تنبع أساسا من الأهداف السامية للكلمة وقد عرفها جون هوهنبرج (John honbreg)على أنها " تلك الالتزامات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها كل صحفي و المتمثلة أساسا بضرورة العمل من أجل الوصول إلى تغطية منصفة وشاملة ودقيقة، صادقة وواضحة مع مرعاه حماية المصادر وتحقيق الصالح العام لا غير ، عن طريق احترام القانون وحقوق الحياة الخاصة للأشخاص وتصحيح الأخطاء في حال وجودها
وإن الأخلاق المهنية للصحافي وردت في الصحافة الاشتراكية " لبروخوف " (lberkhove )على أنها " تلك المبادئ والمعايير الأخلاقية لم تثبت قانونيا بعد ولكنها مقبولة في الوسائل الصحافية ومدعومة من قبل الرأي العام و المنظمات الشعبية و الحزبية
كما يمكن القول أن أخلاقيات المهنة الإعلامية هي تلك الأخلاقيات المتعلقة بمهنة الإعلام " وهي مجموعة من القيم المتعلقة بالممارسة اليومية للصحفيين وجملة الحقوق والوجبات المترابطتين للصحفي
إذن فأخلاقيات المهنة الإعلامية هي مجموعة القواعد والواجبات المسيرة لمهنة الصحافة أو هي مختلف المبادئ التي يجب أن يلتزم بها الصحافي أثناء أداءه لمهامه أو بعبارة أخرى هي تلك المعايير التي تقود الصحفي إلى القيام بعمل جديد يجد استحسانا عند الجمهور، كما أنها أيضا جملة المبادئ الأخلاقية الواجب على الصحافي الالتزام بها بشكل إرادي في أداءه لمهامه كمعايير سلوكية تقوده إلى إنتاج عمل ينال به استحسان الرأي العام .
المطلب الثاني : قواعد السلوك المهني
قواعد السلوك المهني تختلف من بلد إلى بلد كما " تتباين بدرجة كبيرة في شكلها ونطاقها ، في طبيعتها ومصدرها ، حيث توجد في بعض البلدان قواعد مختلفة لتنظيم كل من الصحافة و الإذاعة و التليفزيون وحتى السينما ...وكثيرا ما تكون هذه القواعد قد وضعها واعتمدها المهنيون من تلقاء أنفسهم بينما في حالات أخرى يفرضها القانون أو مرسوم حكومي و ترجى أصول معايير السلوك المهني الواردة في قواعد السلوك القومية والإقليمية إلى مفاهيم قبلت إجمالا على الصعيد العالمي ولكنها تتجه دوما إلى أن تتخذ صورا وغايات متنوعة من حيث صياغات وتفسير أحكامها . وعليه فإن معظم قواعد السلوك المهني تشير إلى مفاهيم هامة توضح للصحفي ماله وما عليه :
1- ضمان حرية الإعلام والصحافة :
" يرى الانجليزي " شريدان " : خير لنا أن نكون بدون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة ، الأفضل أن نحرم من المسؤولية الوزارية ومن الحرية الشخصية ومن حق التصويت على الضرائب على أن نحرم من حرية ا لصحافة وذلك انه يمكن بهذه الحريات وحدها إن عاجلا أم أجلا أن تعيد حريات الأخرى حيث تلعب حرية الصحافة دورا كبيرا ليس في الوصول إلى الحقيقة فحسب بل أنها
تشعر الصحفي بالارتياح والطمأنينة ، وتكون بمثابة الغذاء بالقياس إلى أجسام البشر
2- حرية الوصول إلى مصادر المعلومات الموضوعية : إن من مطالب الصحفيين الوصول إلى المعلومات الموضوعية ، والعمل على بثها ونشرها كما يطالبون بالحق في حرية التعبير عن أرائهم
3- الدقة والصدق وعدم تحريف عرض الحقائق: "إن الحصول على ثقة القارئ هو أساس الصحافة المتميزة والحق، وبذل كل جهد لضمان أن يكون المحتوى الإخباري للصحيفة دقيقا خاليا من أي تزييف وتغطية جميع الجوانب وتنشر بعدالة
4- الحق في المعرفة : يعتبر الحق في المعرفة من بين الحقوق الإنسانية و الأساسية للإنسان ويقصد به حق المواطن في معرفة ما يدور في التنظيمات الحكومية ويعتبر حرمان المواطن من هذا الحق حاجز أمام مصداقية الإعلام وصيرورة الديمقراطية ، كما أنه يدفعنا للتساؤل عن حرية الصحافة الحقيقية .
5- الموضوعية وعدم الانحياز : تعتبر أفضل طريق للوصول إلى الحقيقة النهائية ، فالموضوعية هي نقيض الذاتية ، ونعني أن يعبر عن الموضوع المراد إيصاله إلى الجمهور من دون تأثر مباشرة بأمور الذات وقضياها واهتماماتها ، ولا بالعواطف والتصورات ، فالصحافي الحق يتجرد من أهواءه الحزبية والفكرية ، الاجتماعية والسياسية حين يصوغ الخبر .
6- المسؤولية إزاء الرأي العام وحقوقه ومصالحه اتجاه المجتمعات القومية و العرقية والدينية والأمة والدولة والدين والحفاظ على السلام : " يرى الدكتور مختار تهامي : في الصحافة والسلام العالمي نحن نلقي على عوامل الأسرة الصحافية العالمية مسؤولية ضخمة ، ونطالبها باسم شرف المهنة الصحافية ، وباسم الإنسانية ، وباسم الشعوب التي وقفت فيها واعتمدت عليها أن لا تخون هذه الشعوب في المرحلة الحرجة من تاريخ مجتمعنا الدولي الحديث ، بل من تاريخ الجنس البشري أبجمعه ، وأن تتقدم إليه بالحقيقة الكاملة عن الأوضاع والتيارات التي تسيطر على مجتمعنا الدولي المعاصر وتتحكم في حياة الملايين ، ورفاهيتهم وطمأنتهم دون مجاملة لأحد أو رهبة من أحد ".
7- النزاهة والاستقلالية : " إن الاستقلالية عبارة عن معيار أخلاقي مهني متعلق بالسلوك الفردي وعليه استقلالية المهنة ونزاهة العامل في جمع ونشر الأنباء و المعلومات و الآراء على الجمهور ، ينبغي مد نطاقها لا لتشمل الصحفيين المحترفين وحدهم ، وإنما لتشمل أيضا كل العاملين الآخرين المستخدمين في وسائل الإعلام الجماهيري .
8- ضرورة الامتناع عن التشهير و الاتهام الباطل و القذف و انتهاك الحياة الخاصة :
" الصحفي حقيقة مطالب بالامتناع عن نشر أي معلومات من شأنها أن تحط من قدر الإنسان أو تنقص من اعتباره أو تسيء إلى كرامته وسمعته ، فكل منا حياته
الخاصة التي يحرص أن تظل بعيدة عن العلانية والتشهير فحياة الناس الخاصة وأسرار عائلته ومشاكلهم الشخصية كلها أمور لا تهم الرأي العام ، ولا تعني المصلحة العامة بل أن الخوض فيها يمس حقا مقدسا من حقوق الإنسان وهو حريته الشخصية في التصرف والقول والعمل بغير رقيب إلا القانون والضمير ، ويترتب على مخالفة هذا المبدأ في بعض الأحيان الوقوع في الجرائم التي ترتكب من خلال الوسائل العلانية وهي جريمة القذف والسب "
9 – حق الرد والتصويب : أصبح الحق في الرد و التصويب ضرورة فرضتها الظروف ، "كما أنه لا يقتصر على حق الإنسان في الحصول على المعلومات بل يشمل أيضا الحق المرتبط به و المترتب عليه وحقه في إعلام الغير و إكمال المعلومات الناقصة و تصويبها عندما تكون زائفة "
10- احترام السرية المهنية : السرية المهنية هي حق وإلزام في الوقت نفسه ، وهدفها هو حماية الصحفيين وحرية الإعلام على حد سواء و تيسير الوصول إلى مصادر المعلومات تجنب خداع ثقة الجمهور بعدم إعاقة الصحفي بممارسة مهنته باللجوء إلى أي ضغط أو ترويع أو نفوذ لحمله على تقديم رواية غير صحيحة أو محرفة عن الحقائق . وهكذا فالصحافي ملزم بأن يمتنع عن نشر المعلومات الزائفة أو الغير المؤكدة .
11- العدل والإنصاف : العدل والإنصاف من السمات الإنسانية و أكثر أمور ارتباطا بالمهنة، لان الصحفي هو العين المبصرة و الأذن الصاغية للناس كافة ، ولذا عليه أن يكون عادلا ملتزما بالحقائق الفعلية.
12- الحفاظ على الآداب و الأخلاق العامة: " يقصد بالآداب و الأخلاق العامة كل ما يتصل بأسس الكرامة الأدبية بالجماعة وأركان حسن سلوكها ودعائم سموها المعنوية وعدم الخروج عليها أي مواجهة اعتبارات المجتمع على وجوب رعايتها في العلنية على الأقل "
المطلب الثالث : أخلاقيات المهنة الإعلامية والمجتمع :
إن وسائل الإعلام هي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء و الأذواق والسلوك ، بل المظهر المدني لجمهور يضم أكثر من60 بالمائة من سكان الأرض ، فقد أصبح الهدف الأول لوسائل الإعلام في وقتنا الحاضر هو الثقافة وخدمة المجتمع ،ولكنها أصيبت بشيء من الانحراف وأصبحت هدفا للاستغلال من طرف أصحاب رؤوس الأموال ، ومالت المشروعات الإعلامية على إرضاء المشاهدين والقراء متناسية الهدف الأساسي للإعلام ." فلكل مجتمع مقوماته الأساسية التي تحرص أن تلتزم الصحافة بها وتترك بعض الأدوار لإحساس كل صحفي بمسؤولياته الاجتماعية وتقديره لظروف المجتمع وخطورة الكلمة و تأثيرها ، وفي مثل هذه الرؤية يلتزم الصحفيون بذلك دون أي تشريعات تضعها الدولة ، وإنما من خلال مواثيق اختيارية لأخلاقيات المهنة وترى دول أخرى أن لا تستند فقط على الضمير الصحفي وإحساسه الوطني بل الضروري أن تتضمن تشريعاتها وقوانينها الإعلامية بل يلزم الصحفيين للحفاظ على مقومات المجتمع تارة وسلطاتها الدينية أو العلمانية تارة أخرى وتفرض عقوبات على من يخالف ذلك ".خاصة بعد استفحال ظاهرة التعصب الذي أدى عبر التاريخ إلى حروب كلامية أحيانا ودموية أحيانا أخرى فالتعصب يعتبر من بين العناصر اللأخلاقية التي تؤثر على الصحافة سلبا
كونها تعمل على تضخيم الأمور بإثارتها للتغيرات العنصرية أو الطائفية ، نشر الأخبار التي تعرض امن وسلامة الدولة إلى خطر انتهاك الأديان أو التعدي عليها ، عدم الانقياد للقانون وغيرها وكلها مخلفات تؤثر على المبادئ و القواعد الأخلاقية لمهنة الإعلام ويجب على الصحفي تفاديها إنصافا للسلام والإنسانية .
منقول للافادة
من خلال هذا التمهيد البسيط حول ماهية الصحافة والعمل الصحفي ، كان سبب اختيارنا لهذا الموضوع لما له أهمية بالغة من جهة الصحافي بصورة خاصة ومستهلك المادة الإعلامية بصفة عامة ، فالصحافي يعمل على تثقيف الجمهور، وهذا حسب رغبته واحتياجاته ،ولكي تكون هذه المهنة تتميز بالثقافية وضعت ثوابت تتعلق بالمبادئ الأخلاقية لممارسة المهنة الصحفية .
ولكن خلال إنجازنا لهذا البحث صدفتا عدة مشاكل من بينها قلة المصادر والمراجع خاصة في حقل الإعلام والاتصال أما الدراسات التي سبقت وأن تعرضت إلى هذا الموضوع كانت من خلال بعض الإعلاميين و رسائل الماجستير.
الأفاق الفرضيات التي يبرزها هذا البحث وهذا من خلال بعض التساؤلات منها :
ما مفهوم العام لأخلاقيات المهنة الصحفية ؟
ما موقف قانون الإعلام (1982 -1990) من خلال مواده لهذا الموضوع ؟
ما مدى اهتمام التنظيمات النقابية الصحفية الجزائرية بتوجيه العمل الصحفي ؟
المبحث الأول : أخلاقيات المهنة الإعلامية
المطلب الأول : نشأة أخلاقيات المهنة الإعلامية ومفهومها:
«لقد اتجه الصحافيون إلى إقامة أساليب ذات طابع أخلاقي، كحق الإمضاء، حق التعويض للحفاظ على حريته ومن هنا أتت فكرة قانونle code déontologique الذي يميز الصحافة عن غيرها من المهن وكانت أول محاولة فرنسية سنة1918 حيث عملت فرنسا على وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة الصحفية بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة ، نظرا للدور الفعال الذي لعبته وسائل الإعلام في تلك الفترة ، كما كانت هناك محاولات أخرى في مختلف أنحاء العالم ، حيث في 1926 وضع " قانون الآداب " الذي عرف تعديلات عديدة نسبة إلى النقابة أكثر تمثيلا للصحفيين في الولايات المتحدة الأمريكية ، وعرف الأخير التفافا واسعا للصحفيين حوله ، ويتضمن هذا الأخير ثلاث فصول هي : الآداب ،الدقة الموضوعية ، وقواعد التسيير ، أيضا " في سنة 1936 كانت محاولة ثالثة في المؤتمر العالمي لإتحاد الصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية حيث تم التطرق إلى ما يجب على الصحافة فعله ، كما انصب الاهتمام على تحقيق السلم والأمن العالميين وهذا راجع إلى أنها جاءت في فترة ما بين الحربين ، التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية بحيث يمكننا القول بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية تعكس الظروف التاريخية التي تظهر فيها لتدعم هذه الأخيرة بوضع قانون من طرف النقابة الوطنية للصحافيين عام 1938 ببريطانيا وقد تضمنت القواعد المهنية التي يجب على الصحف تبنيها هذا إلى جانب محاولات أخرى كانت لها أهمية في تاريخ المهنة الإعلامية " في سنة 1939 ببوردو ي المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين انبثق ما يسمى ب " عهد شرف الصحفي " الذي ركز على ضرورة تحلى الصحفيين بالموضوعية كما حدد مسؤولياته إزاء المجتمع المتمثل في القراء واتجاه الحكومة وأيضا اتجاه زملاءه في المهنة وعلى غراره في سنة 1942 بمدينة المكسيك ، المؤتمر الأول للصحافة القومية للأمريكيين انتهى إلى أن الصحافة الكفاءة الأمنية تتطلب الموضوعية والصدق واحترام السرية المهنية ، كما تطرق إلى العقاب والمسؤولية التي تلقى على الصحيفة وكذا مسؤولية اتحاد الصحفيين وعلى الصحفية أن تعتذر للأشخاص الذين أساءت إليهم في القذف والسب وأن تبتعد عن نشر الانحرافات والعنف وتحمي الحياة الخاصة للأشخاص ".
ولقد أعقب هذه المحاولات الفعالة التي أحدثت تغييرا في ميدان الممارسة الإعلامية وتثير بالغ الأهمية في موضوع الرسالة الإعلامية " «محاولات أخرى في دول العالم الغربية منها والنامية فرضتها التغيرات الحاصلة عبر الزمن، في الهند مثلا سنة 1958 ،مصر1958-1960 ، دستور الاتحاد العام للصحفيين العرب إزاء المجتمع العربي 1964 ، وأيضا أستراليا ، انجلترا ، الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1975
تعريف أخلاقيات المهنة :
"تهتم أخلاقيات المهنة كعلم للواجبات المعنوية الخاصة بمهنة محدودة وجزاءاتها التأديبية بتبيان القواعد السلوكية و الأخلاقية لأعضاء مهنة ما سواء فيما بين الممارسين أنفسهم أو اتجاه الغير ." حيث جاء تعريفها في قاموس الصحافة والإعلام على أن " أخلاقيات المهنة هي مجموعة القواعد المتعلقة بالسلوك المهني والتي وضعتها مهنة منظمة لكافة أعضائها ، حيث تحدد هذه القواعد وتراقب تطبيقها وتسهر على احترامها ،وهي أخلاق وآداب جماعية وواجبات مكملة أو معوضة للتشريع وتطبيقاته من قبل القضاة "
فالأخلاق المهنية ليست مرتبطة ببساطة بممارسة السليمة للمهنة فحسب بل تنبع أساسا من الأهداف السامية للكلمة وقد عرفها جون هوهنبرج (John honbreg)على أنها " تلك الالتزامات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها كل صحفي و المتمثلة أساسا بضرورة العمل من أجل الوصول إلى تغطية منصفة وشاملة ودقيقة، صادقة وواضحة مع مرعاه حماية المصادر وتحقيق الصالح العام لا غير ، عن طريق احترام القانون وحقوق الحياة الخاصة للأشخاص وتصحيح الأخطاء في حال وجودها
وإن الأخلاق المهنية للصحافي وردت في الصحافة الاشتراكية " لبروخوف " (lberkhove )على أنها " تلك المبادئ والمعايير الأخلاقية لم تثبت قانونيا بعد ولكنها مقبولة في الوسائل الصحافية ومدعومة من قبل الرأي العام و المنظمات الشعبية و الحزبية
كما يمكن القول أن أخلاقيات المهنة الإعلامية هي تلك الأخلاقيات المتعلقة بمهنة الإعلام " وهي مجموعة من القيم المتعلقة بالممارسة اليومية للصحفيين وجملة الحقوق والوجبات المترابطتين للصحفي
إذن فأخلاقيات المهنة الإعلامية هي مجموعة القواعد والواجبات المسيرة لمهنة الصحافة أو هي مختلف المبادئ التي يجب أن يلتزم بها الصحافي أثناء أداءه لمهامه أو بعبارة أخرى هي تلك المعايير التي تقود الصحفي إلى القيام بعمل جديد يجد استحسانا عند الجمهور، كما أنها أيضا جملة المبادئ الأخلاقية الواجب على الصحافي الالتزام بها بشكل إرادي في أداءه لمهامه كمعايير سلوكية تقوده إلى إنتاج عمل ينال به استحسان الرأي العام .
المطلب الثاني : قواعد السلوك المهني
قواعد السلوك المهني تختلف من بلد إلى بلد كما " تتباين بدرجة كبيرة في شكلها ونطاقها ، في طبيعتها ومصدرها ، حيث توجد في بعض البلدان قواعد مختلفة لتنظيم كل من الصحافة و الإذاعة و التليفزيون وحتى السينما ...وكثيرا ما تكون هذه القواعد قد وضعها واعتمدها المهنيون من تلقاء أنفسهم بينما في حالات أخرى يفرضها القانون أو مرسوم حكومي و ترجى أصول معايير السلوك المهني الواردة في قواعد السلوك القومية والإقليمية إلى مفاهيم قبلت إجمالا على الصعيد العالمي ولكنها تتجه دوما إلى أن تتخذ صورا وغايات متنوعة من حيث صياغات وتفسير أحكامها . وعليه فإن معظم قواعد السلوك المهني تشير إلى مفاهيم هامة توضح للصحفي ماله وما عليه :
1- ضمان حرية الإعلام والصحافة :
" يرى الانجليزي " شريدان " : خير لنا أن نكون بدون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة ، الأفضل أن نحرم من المسؤولية الوزارية ومن الحرية الشخصية ومن حق التصويت على الضرائب على أن نحرم من حرية ا لصحافة وذلك انه يمكن بهذه الحريات وحدها إن عاجلا أم أجلا أن تعيد حريات الأخرى حيث تلعب حرية الصحافة دورا كبيرا ليس في الوصول إلى الحقيقة فحسب بل أنها
تشعر الصحفي بالارتياح والطمأنينة ، وتكون بمثابة الغذاء بالقياس إلى أجسام البشر
2- حرية الوصول إلى مصادر المعلومات الموضوعية : إن من مطالب الصحفيين الوصول إلى المعلومات الموضوعية ، والعمل على بثها ونشرها كما يطالبون بالحق في حرية التعبير عن أرائهم
3- الدقة والصدق وعدم تحريف عرض الحقائق: "إن الحصول على ثقة القارئ هو أساس الصحافة المتميزة والحق، وبذل كل جهد لضمان أن يكون المحتوى الإخباري للصحيفة دقيقا خاليا من أي تزييف وتغطية جميع الجوانب وتنشر بعدالة
4- الحق في المعرفة : يعتبر الحق في المعرفة من بين الحقوق الإنسانية و الأساسية للإنسان ويقصد به حق المواطن في معرفة ما يدور في التنظيمات الحكومية ويعتبر حرمان المواطن من هذا الحق حاجز أمام مصداقية الإعلام وصيرورة الديمقراطية ، كما أنه يدفعنا للتساؤل عن حرية الصحافة الحقيقية .
5- الموضوعية وعدم الانحياز : تعتبر أفضل طريق للوصول إلى الحقيقة النهائية ، فالموضوعية هي نقيض الذاتية ، ونعني أن يعبر عن الموضوع المراد إيصاله إلى الجمهور من دون تأثر مباشرة بأمور الذات وقضياها واهتماماتها ، ولا بالعواطف والتصورات ، فالصحافي الحق يتجرد من أهواءه الحزبية والفكرية ، الاجتماعية والسياسية حين يصوغ الخبر .
6- المسؤولية إزاء الرأي العام وحقوقه ومصالحه اتجاه المجتمعات القومية و العرقية والدينية والأمة والدولة والدين والحفاظ على السلام : " يرى الدكتور مختار تهامي : في الصحافة والسلام العالمي نحن نلقي على عوامل الأسرة الصحافية العالمية مسؤولية ضخمة ، ونطالبها باسم شرف المهنة الصحافية ، وباسم الإنسانية ، وباسم الشعوب التي وقفت فيها واعتمدت عليها أن لا تخون هذه الشعوب في المرحلة الحرجة من تاريخ مجتمعنا الدولي الحديث ، بل من تاريخ الجنس البشري أبجمعه ، وأن تتقدم إليه بالحقيقة الكاملة عن الأوضاع والتيارات التي تسيطر على مجتمعنا الدولي المعاصر وتتحكم في حياة الملايين ، ورفاهيتهم وطمأنتهم دون مجاملة لأحد أو رهبة من أحد ".
7- النزاهة والاستقلالية : " إن الاستقلالية عبارة عن معيار أخلاقي مهني متعلق بالسلوك الفردي وعليه استقلالية المهنة ونزاهة العامل في جمع ونشر الأنباء و المعلومات و الآراء على الجمهور ، ينبغي مد نطاقها لا لتشمل الصحفيين المحترفين وحدهم ، وإنما لتشمل أيضا كل العاملين الآخرين المستخدمين في وسائل الإعلام الجماهيري .
8- ضرورة الامتناع عن التشهير و الاتهام الباطل و القذف و انتهاك الحياة الخاصة :
" الصحفي حقيقة مطالب بالامتناع عن نشر أي معلومات من شأنها أن تحط من قدر الإنسان أو تنقص من اعتباره أو تسيء إلى كرامته وسمعته ، فكل منا حياته
الخاصة التي يحرص أن تظل بعيدة عن العلانية والتشهير فحياة الناس الخاصة وأسرار عائلته ومشاكلهم الشخصية كلها أمور لا تهم الرأي العام ، ولا تعني المصلحة العامة بل أن الخوض فيها يمس حقا مقدسا من حقوق الإنسان وهو حريته الشخصية في التصرف والقول والعمل بغير رقيب إلا القانون والضمير ، ويترتب على مخالفة هذا المبدأ في بعض الأحيان الوقوع في الجرائم التي ترتكب من خلال الوسائل العلانية وهي جريمة القذف والسب "
9 – حق الرد والتصويب : أصبح الحق في الرد و التصويب ضرورة فرضتها الظروف ، "كما أنه لا يقتصر على حق الإنسان في الحصول على المعلومات بل يشمل أيضا الحق المرتبط به و المترتب عليه وحقه في إعلام الغير و إكمال المعلومات الناقصة و تصويبها عندما تكون زائفة "
10- احترام السرية المهنية : السرية المهنية هي حق وإلزام في الوقت نفسه ، وهدفها هو حماية الصحفيين وحرية الإعلام على حد سواء و تيسير الوصول إلى مصادر المعلومات تجنب خداع ثقة الجمهور بعدم إعاقة الصحفي بممارسة مهنته باللجوء إلى أي ضغط أو ترويع أو نفوذ لحمله على تقديم رواية غير صحيحة أو محرفة عن الحقائق . وهكذا فالصحافي ملزم بأن يمتنع عن نشر المعلومات الزائفة أو الغير المؤكدة .
11- العدل والإنصاف : العدل والإنصاف من السمات الإنسانية و أكثر أمور ارتباطا بالمهنة، لان الصحفي هو العين المبصرة و الأذن الصاغية للناس كافة ، ولذا عليه أن يكون عادلا ملتزما بالحقائق الفعلية.
12- الحفاظ على الآداب و الأخلاق العامة: " يقصد بالآداب و الأخلاق العامة كل ما يتصل بأسس الكرامة الأدبية بالجماعة وأركان حسن سلوكها ودعائم سموها المعنوية وعدم الخروج عليها أي مواجهة اعتبارات المجتمع على وجوب رعايتها في العلنية على الأقل "
المطلب الثالث : أخلاقيات المهنة الإعلامية والمجتمع :
إن وسائل الإعلام هي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء و الأذواق والسلوك ، بل المظهر المدني لجمهور يضم أكثر من60 بالمائة من سكان الأرض ، فقد أصبح الهدف الأول لوسائل الإعلام في وقتنا الحاضر هو الثقافة وخدمة المجتمع ،ولكنها أصيبت بشيء من الانحراف وأصبحت هدفا للاستغلال من طرف أصحاب رؤوس الأموال ، ومالت المشروعات الإعلامية على إرضاء المشاهدين والقراء متناسية الهدف الأساسي للإعلام ." فلكل مجتمع مقوماته الأساسية التي تحرص أن تلتزم الصحافة بها وتترك بعض الأدوار لإحساس كل صحفي بمسؤولياته الاجتماعية وتقديره لظروف المجتمع وخطورة الكلمة و تأثيرها ، وفي مثل هذه الرؤية يلتزم الصحفيون بذلك دون أي تشريعات تضعها الدولة ، وإنما من خلال مواثيق اختيارية لأخلاقيات المهنة وترى دول أخرى أن لا تستند فقط على الضمير الصحفي وإحساسه الوطني بل الضروري أن تتضمن تشريعاتها وقوانينها الإعلامية بل يلزم الصحفيين للحفاظ على مقومات المجتمع تارة وسلطاتها الدينية أو العلمانية تارة أخرى وتفرض عقوبات على من يخالف ذلك ".خاصة بعد استفحال ظاهرة التعصب الذي أدى عبر التاريخ إلى حروب كلامية أحيانا ودموية أحيانا أخرى فالتعصب يعتبر من بين العناصر اللأخلاقية التي تؤثر على الصحافة سلبا
كونها تعمل على تضخيم الأمور بإثارتها للتغيرات العنصرية أو الطائفية ، نشر الأخبار التي تعرض امن وسلامة الدولة إلى خطر انتهاك الأديان أو التعدي عليها ، عدم الانقياد للقانون وغيرها وكلها مخلفات تؤثر على المبادئ و القواعد الأخلاقية لمهنة الإعلام ويجب على الصحفي تفاديها إنصافا للسلام والإنسانية .
منقول للافادة
الأربعاء 31 ديسمبر 2014, 22:28 من طرف A-mina
» حصــــــــــــــــــــ،،، شرح ولا اروع كيفيّة إنشاء سيرفر Abox+MdBox ،،رــــــيا
الثلاثاء 13 نوفمبر 2012, 19:10 من طرف RAHIMOU
» سيرفرmdbox ناااااااااار 100%100 ( يعمل الآن )
الجمعة 27 أبريل 2012, 00:08 من طرف توفيق الجزائر
» تم بحمد الله عودة السرفر الى العمل من جديد الان
الثلاثاء 24 أبريل 2012, 21:11 من طرف RAHIMOU
» سيرفر سيسيكام مرفوع على VPS ب 150 يوزر (للجـــــميع)(تغيير 16/04/2012)
الإثنين 16 أبريل 2012, 18:48 من طرف RAHIMOU
» أكثر من 100 مصدر ومرجع عن تاريخ الجزائر
الأحد 25 مارس 2012, 21:09 من طرف انس الحديثي
» سيرفر الخفاش للاخ نعمان
الأحد 05 فبراير 2012, 18:03 من طرف bawchat
» ||: قسم بيانات ABOX و MDbOX و WDS و Mini Box
الأحد 05 فبراير 2012, 18:00 من طرف bawchat
» دور الاتصال في المؤسسات
الجمعة 23 ديسمبر 2011, 19:34 من طرف ke6cis